الرجل يكوّن ثروة خلال سنوات الحياة المشتركة، بينما المرأة غالباً ما تكتفي بتحمّل مصاريف المعيشة اليومية: الأكل، الفواتير، حاجيات الأطفال… وفي النهاية، تغادر العلاقة بيدين فارغتين، تماماً مثل علبة ياغورت فارغة.

وراء مظاهر تقاسم “متوازن” للنفقات، يختبئ خلل مالي عميق داخل العلاقة الزوجية. نظرية “علبة الياغورت” التي قدّمتها الكاتبة تتيو لوكوك تكشف قسوته النفسية قبل المادية.

نظرية “علبة الياغورت” تصف واقعة غير مرئية لكنها جذرية: أموال النساء تختفي في الحياة اليومية، بينما يراكم الرجال الثروة والأمان المالي. الفيديوهات المصاحبة تُظهر هذه الظاهرة بلغة واضحة، وتدعو إلى النقاش حول العدالة الاقتصادية في المنزل.

هذا الواقع يخفي تراكمات من الظلم:
– عمل منزلي غير مرئي وغير مُعترف به.
– تكاليف إضافية تتحمّلها المرأة بسبب ما يُعرف بـ “الضريبة الوردية”.
– استثمار مالي أقلّ بكثير مقارنة بالرجل.

كلّها عناصر تُغذّي شعوراً بالإحباط ومراكمة الإحساس بالمحو.

ايمان , تقول:


“عندما أنجبت ابنتي، واجهت صعوبة في التوفيق بين الحياة المهنية والأمومة. زوجي كان يتكفّل بمصاريف المنزل وفتح حتى حساب مشترك. عندما انفصل، أجبرني على مغادرة المنزل الذي كنا نستأجره لأستأجر مكاناً أقل تكلفة حسب رغبته. ضغط عليّ بشأن النفقة، ومن يوم لآخر تغيّر نمط حياتي، بينما هو لم يتغير تقريباً. احتفظ بالمنزل باسمِه، بينما سنوات تضحياتي لم تُحتَسَب. أربع سنوات تطوّر هو فيها مهنياً، أما أنا فلا.

عندما يتحوّل “غير المرئي” إلى عبء نفسي

علبة الياغورت الفارغة ليست مجرّد صورة اقتصادية. إنها تجسيد لمجهود يضيع دون أثر، وعطاء يتبخر بلا دليل ملموس. كما تشرح تتيو لوكوك حول العمل المنزلي:

“لا يُلاحظ إلا عندما لا يتم إنجازه، لكنه في الحقيقة عمل حقيقي، لأنه يمكن أن يقوم به شخص آخر مقابل أجر.”

هذا “الغياب من السجلات” يخلق ديناً عاطفياً: دين منحت فيه المرأة دون أن يبقى ما يُثبت تضحيتها.

من الناحية النفسية، يولّد ذلك شعوراً بالفراغ، وإحساساً بالذوبان داخل العلاقة. النفقات اليومية تتكرر وتُنهك، بينما الطرف الآخر يراكم ممتلكات ملموسة (منزل، سيارة، مدخرات) تصبح بمثابة “شواهد نرجسية” على نجاحه.

الخلل هنا لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتدّ إلى الهوية والشعور بالقيمة. هذه التجربة قد تترجم إلى تدنٍ مزمن في تقدير الذات، وتؤدي إلى إحباط عاطفي أو حتى اضطرابات قلق واكتئاب. علبة الياغورت تصبح رمزاً لتضحية نفسية لا تتحوّل إلى رأسمال.

أثر “علبة الياغورت” على الأجيال القادمة

الاستعارة التي قدّمتها تتيو لوكوك تتجاوز الحاضر. ما يحتفظ به الرجل (منزل، مدخرات، سيارة) يمكن أن يُورّث، بينما “علبة الياغورت الفارغة” لا تترك شيئاً. هذا يخلق فجوة بين الأجيال النسائية، إذ تُحرم النساء من إرث اقتصادي ورمزي.  النساء بشكل عام يفتقدن الثقافة المالية، وأيضاً لا يستثمرن المال الذي يكسبنه.

– وفقاً للإحصاءات، ثروة النساء تظل أقل بنسبة 15% في المتوسط مقارنة بالرجال.

الحلول من أجل عدالة اقتصادية

  1. الشفافية المالية: مناقشة واضحة حول من يدفع ماذا، وما نسبة الادخار الشخصي الموجه للمشاريع المشتركة.

  2. الحسابات المشتركة والفردية: الحفاظ على استقلالية مالية لكل طرف، مع تخصيص جزء للمصاريف المشتركة.

  3. تملك مشترك للأصول: تسجيل الأسماء معاً عند شراء ممتلكات دائمة (منزل، سيارة).

  4. توزيع المهام المنزلية: مشاركة الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال بشكل متساوٍ.

  5. الحماية القانونية: عقود زواج أو اتفاقيات تعترف بالمساهمات غير المالية.

  6. السياسات العمومية: دعم النساء العاملات في القطاع غير الرسمي، والاعتراف بالعمل المنزلي كجزء من الاقتصاد.

العدالة المالية في العلاقة الزوجية ليست أمر مفروغ منه؛ بل تُبنى من خلال الحوار، الشفافية، واتخاذ قرارات عملية لضمان أن تضحيات النساء لم تعد غير مرئية.



Write A Comment