أكتوبر أصبح ورديًا… ومربحًا
تحت شعار التوعية، تستغل بعض العلامات التجارية موجة “البزنس الوردي”. بين حملات مفيدة و**البينك ووشينغ** المحترف، أحيانًا تتحوّل مكافحة سرطان الثدي إلى مجرد صورة تجارية.
كريمات، أكواب، أحذية، برغر… كل شيء يمر باسم القضية. لكن بين التوعية والتسويق، تصبح الحدود ضبابية.
خلف الشريط الوردي، بعض المبادرات تنقذ الأرواح وتعلم الناس، وأخرى تستغل الحدث للربح فقط.
الجانب الإيجابي للوردي
ليس كل شيء سلبيًا في هذا “التسويق الوردي”. العديد من المبادرات نجحت فعلاً في المساعدة وزيادة الوعي.
نماذج ناجحة لشهر الوردي:
نوران تونس
جمعية نموذجية تعمل في جميع الميادين: حملات متنقلة، ورشات تعليم الفحص الذاتي، وأنشطة توعية محلية. نوران تواصل دعم القضية باستمرارية ومصداقية، وتصل مباشرة إلى النساء أينما كنّ.
عرض المحاربات
لحظة قوية تُكرّم النساء اللواتي واجهن السرطان. على منصة العرض، يحوّلن ندوبهن إلى رمز للقوة. فعل ملهم يذكّر أن الأنوثة لا تُقاس بالمرض، بل بالشجاعة.
Mindset Concept Store
في Mindset Concept Store، اختارت الفريق أن تُعطي للعمل معنى حقيقيًا. كل سنة، يُخصص 10٪ من أرباح أكتوبر لدعم جمعية لمساعدة النساء المصابات بسرطان الثدي — 5٪ من المتجر و5٪ من المصممين الشركاء المتطوعين.
لكن المبادرة لم تتوقف عند الدعم المالي. في 2024، أصبح الالتزام أكبر: تنظيم حدث مؤثر يجمع نساء تجاوزن تجربة السرطان، نساء ناشطات، مصممي المتجر وخبراء الصحة، لتبادل المعرفة والدعم والمشاركة.
خلال اليوم الخاص، شاركت الناجيات في ورشات للإبداع ومشاركة التجارب، ثم اختتم الحدث بعرض أزياء رمزي، حيث ارتدين تصاميم من المتجر، وعرّفن عن قوتهن وتحويل تجربتهن لرسالة أمل.
Start-up Village
كثير من النساء يستفدن من الشهر الوردي لإجراء الفحص المبكر، وبعض الشركات تبرز كمثال، مثل Start-up Village التي تقدّم فحصًا مجانيًا لكل فريقها سنويًا.
والمزيد…
مبادرات مثل Octobre Rose by FTTH تظهر التزامًا حقيقيًا. خلال انطلاق 2025، استفادت أكثر من 800 امرأة من استشارات مجانية في الولايات المختلفة.
في تونس، يستمر الزخم: عيادات متنقلة تجوب المناطق، شركات تقدّم فحوصات مجانية، مصمّمون يطلقون مجموعات داعمة، ومبادرات توعية قريبة من الناس.
بعض العلامات المحلية تلتزم أيضًا بشفافية، وتخصص جزءًا من أرباحها لدعم برامج الفحص والتوعية، بعيدًا عن مجرد الدعاية.
كل هذه المبادرات تجعل اللون الوردي رمزًا للالتزام، التضامن، والأمل الحقيقي.
القطاع العمومي يتحرك أيضًا
بين المبادرات الخاصة والجمعيات، تعمل الدولة التونسية لتعزيز التوعية والفحص المبكر على مستوى البلاد.
وزارة الصحة أطلقت برنامجًا وطنيًا للفحص المبكر خلال أكتوبر الوردي، يشمل حملات توعية في مراكز الصحة والشركات، بالإضافة إلى “القرى الوردية” في عدة ولايات.
المكتب الوطني للعائلة والسكان يشارك بأكثر من 600 نشاط توعوي، استشارات فحص مجانية، وتشغيل وحدات تصوير
عندما يتحول الوردي إلى بزنس
إلى جانب المبادرات الصادقة، تستغل بعض العلامات التجارية اللون الوردي لزيادة مبيعاتها أو شهرتها دون أي تأثير حقيقي.
الحملات منتشرة، لكنها غالبًا سطحية. كلام جميل ومنمّق، يشبه إعلانات التجميل أكثر من حملات التوعية.
تقديم ورد وردي للنساء لن يساعد البحث العلمي أو القضية.
بعض العلامات تنسى الألم والحقيقة وراء الوردي، وتكتفي ببيع دبابيس وأكواب وحقائب، أحيانًا تلوّن واجهات محلاتها بالوردي لتبدو ملتزمة.
حتى بعض الوكالات تروّج للأمر بشعارات فارغة:
“نحن معكم لنخلق أجواء وردية أنيقة ولا تُنسى”
جملة جميلة، لكنها بلا معنى حقيقي. تدريجيًا، يصبح الرمز أهم من الرسالة، ويخنق التسويق القضية.
هذا ما يُعرف بالـ Pinkwashing. خلف كلام جميل، لا شفافية في التبرعات، ولا ضمان للجودة أو السلامة. الأموال المخصصة للبحث غالبًا ضبابية أو معدومة.
المنظمات التونسية تتحرك
أمام هذا الإبتعاد عن القضية، تدعو المنظمات التونسية إلى التزام حقيقي:
-
التوعية،
-
الفحص المبكر،
-
دعم النساء الأبعد عن منظومة الصحة.
ففي النهاية، مكافحة سرطان الثدي لا تقتصر على الهدايا، بل على إجراءات إنسانية وواقعية ومستدامة.
العمل ضرورة حقيقية
سرطان الثدي هو الأكثر شيوعًا بين النساء التونسيات (~30٪ من السرطانات النسائية).
بين 2022 و2023، ارتفعت الحالات الجديدة من 3,884 إلى 4,346، ما يبرز الحاجة الملحة للتحرك.
يشير الخبراء إلى أن الفحص المبكر يزيد فرص النجاة بشكل كبير.
دراسة أجريت في تونس ونُشرت في Pan African Medical Journal أظهرت أن متوسط فترة الانتظار بين ظهور العلامات الأولى والاستشارة الطبية هو 3.3 أشهر، وقد تصل إلى 18 شهرًا في بعض الحالات.
انتظار طويل كهذا يبرز أهمية الفحص الذاتي المنتظم والاستشارة السريعة لأي شكّ في ظهور علامة غير طبيعية، لزيادة فرص العلاج المبكر وإنقاذ الحياة.
كيف نشارك فعليًا
خبر سار: لا يزال الوقت متاحًا للتصرف بشكل مختلف.
-
نشر رسائل واضحة حول الوقاية، مثلما فعل المعهد الفرنسي بتونس.
-
تخصيص جزء مرئي وموثوق من المبيعات لدعم جمعية.
-
التعاون مع الإعلام والمؤثرين المحليين لنقل شهادات حقيقية (مثل EEAS تونس).
-
تنظيم ورش، ندوات أو فحوصات مجانية كما في FTTH أو العيادات المتنقلة بالعاصمة.
لنختصر:
-
الأولوية للمعلومات
-
شفافية التبرعات
-
العمل مع الإعلام والجمعيات المحلية
-
دعوة المتخصصين في الصحة
-
تكثيف المبادرات الواقعية
في أكتوبر، دعونا نحتفل باللون الوردي… لكن قبل كل شيء، بالوعي!
Binetna est un magazine feminin tunisien